يمكن تقسيم تاريخ مصر إلى ثلاث حقب كبرى:
- مصر القديمة: عصر بناة الأهرام وصناع الحضارة.
- مصر الوسطى: العصور اليونانية والرومانية والإسلامية.
- مصر الحديثة: من العثمانيين حتى قيام الجمهورية الحديثة.
وفي هذا المقال نتناول جانبًا من تاريخ مصر الحديثة، منذ دخول العثمانيين وحتى توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل.
(اقرأ: موجز تاريخ مصر.. ما يحتاج الكاتب معرفته)
مصر الحديثة: مصر العثمانية
ضعفت دولة المماليك خاصة بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في القرن الخامس عشر الميلادي، إذ فقدت مصر أهميتها التجارية التي اكتسبتها من موقعها على طريق التجارة بين الشرق والغرب. ورغم أن المماليك أقاموا دولة قوية صدّت خطر المغول والصليبيين، فإن ضعفها الاقتصادي والعسكري فتح الباب أمام العثمانيين. دخل السلطان العثماني سليم الأول مصر بعد انتصاره على المماليك في معركة مرج دابق 1516م، ثم الريدانية 1517م، لتصبح مصر ولاية عثمانية تتبع عاصمة الخلافة في إسطنبول. وقد أدى بُعد مصر عن العاصمة إلى شيوع الفوضى بين الحكام المحليين، وظلّ للمماليك نفوذ فعلي في إدارة شؤون البلاد، رغم التبعية الاسمية للدولة العثمانية.
مصر الحديثة: الحملة الفرنسية
أدى ضعف الدولة العثمانية والانقسام الداخلي إلى طمع القوى الأوروبية في السيطرة على مصر. فقاد نابليون بونابرت الحملة الفرنسية عام 1798م، وقد واجه مقاومة شعبية عنيفة تمثلت في ثورتي القاهرة الأولى والثانية قبل أن يتدخل الأسطول البريطاني ويهزم الفرنسيين في معركة أبي قير البحرية (1798م. وبعد اضطراب سياسي، اُختير محمد علي باشا واليًا على مصر عام 1805م بدعم من العلماء والأزهر بقيادة عمر مكرم.
مصر الحديثة: عهد محمد علي
سعى محمد علي إلى توطيد حكمه بالتخلص من المماليك نهائياً، فدبّر مذبحة القلعة عام 1811م. ثم بدأ مشروعه لبناء دولة حديثة على الطراز الأوروبي: أنشأ جيشًا نظاميًا، وأسس المدارس والمصانع، وأرسل البعثات العلمية إلى أوروبا، واهتم بالزراعة والري والصناعة. ووسع محمد علي نفوذه فضم الحجاز والسودان، وبلاد الشام والأناضول.
خلف محمد علي عدد من أبنائه وأحفاده، منهم عباس حلمي وسعيد باشا والخديوي إسماعيل، الذي شهدت مصر في عهده نهضة عمرانية كبرى، وافتتحت قناة السويس عام 1869م. ولكن الديون الأجنبية تراكمت، ففرض الأوروبيون الرقابة الثنائية (الإنجليزية – الفرنسية) على مالية مصر، مما أدى إلى تدهور الأوضاع واندلاع ثورة -أو هوجة- أحمد عرابي عام 1881م. وقد استغل البريطانيون الموقف فدخلوا مصر تحت مزاعم حماية مصالحها، وأصبحت مصر محتلة فعلياً من بريطانيا.
مصر الحديثة: الاحتلال البريطاني
عمل الإنجليز بقيادة اللورد كرومر على إعادة تنظيم الإدارة والمالية بما يخدم مصالحهم، فظهرت الحركة الوطنية مطالبة بالاستقلال. أسس مصطفى كامل الحزب الوطني، ثم جاء سعد زغلول فأسس حزب الوفد. وقد أدى نفي زغلول إلى اندلاع ثورة 1919م التي أجبرت بريطانيا على الاعتراف باستقلال المملكة المصرية عام 1922م، مع احتفاظها بحق الدفاع وحماية قناة السويس. وصدر دستور 1923م الذي أرسى نظامًا ملكيًا إقطاعياً، ما أدى تدهور أوضاع الفلاحين والعمال.
(اقرأ: مراجعة وتقييم رواية 1919 لـ أحمد مراد)
مصر الحديثة: جمهورية مصر
وفي أعقاب هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين عام 1948م، تصاعد الغضب الشعبي ضد الفساد والاستعمار، فقام الضباط الأحرار بقيادة اللواء محمد نجيب بانقلاب 23 يوليو 1952م، الذي أنهى الحكم الملكي، وأعلن قيام جمهورية مصر برئاسة محمد نجيب.
(اقرأ: ملخص كتاب كنت رئيساً لمصر لـ محمد نجيب)
وقد تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مصر عام 1956م، في عهد جمال عبد الناصر، ثم خاضت مصر العدوان الثلاثي 1956م، وحرب 1967م، وحرب أكتوبر 1973م ضد إسرائيل، وانتهت الصراعات بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979م، في عهد أنور السادات.
مصر الحديثة: الخلاصة
لقد شهدت مصر على مر العصور تحولات سياسية كبيرة، فنظراً لموقعها الجغرافي المتميز كانت دائماً مطمعاً لكثير من الدول والامبراطوريات، ولكن عصر مصر الحديثة شهد تحولات كبيرة في وقت قصير، مقارنة بالعصور التي سبقته، ما جعل تاريخ مصر الحديثة أكثر تعقيداً من أي حقبة تاريخية يمكن للدارس والمهتم أن يحاول تحليلها وفهمها، وما يزال تاريخ مصر الحديثة يحتاج للكثير من الوقت حتى يمكن رؤيته بوضوح، والحكم عليه حكماً صحيحاً.
تم.
