المهرجانات.. كما عرفتها

المهرجانات.. كما عرفتها
* * *

مئتا جنيه أو أكثر قليلًا ليست بالمبلغ الكبير، لكن أزمتي لم تكن في قيمة المبلغ، وإنما في المبدأ نفسه. أنا طالب في معهد السينما، فلماذا أدفع مقابل حضوري المهرجان؟ كان التسجيل فيما مضى متاحًا مجانًا لعددٍ معين من الطلاب، ما إن يكتمل هذا العدد حتى يتحول التسجيل إلى مدفوع، ولكن مؤخرًا -على حد علمي- أصبح التسجيل كله مدفوعًا. هذا فيما يتعلق بالتسجيل في المهرجان بالنسبة لي كطالب.

أما ما كان يحدث أثناء المهرجان نفسه، فإنه إن دلّ فإنما يدلّ على عدم احترام الطالب بأي حالٍ من الأحوال. في أول مرة حضرت فيها مهرجانًا -وكانت فترة الكورونا- كان عدد الحضور في قاعة العرض محدودًا، وفوجئنا بمديري العرض يطلبون من غير صنّاع الفيلم والصحفيين أن يغادروا القاعة. حينها صرخ أحد زملائي فيهم قائلًا إن مشكلة التنظيم ليست مشكلتنا، وكان لديه كل الحق. أما أنا فاكتفيت -كالعادة- بالصمت، ومارست الكمد الذي أجيد.

ومرة أخرى حضرت ندوة تكريم وحيد حامد رحمه الله، وطلبت كُتيّب الفلاح الفصيح، الذي يتناول مسيرته بعين الناقد، فإذا بالمسؤولين يرفضون إعطائي نسخة، قائلين إنه متاح فقط للصحفيين! قلتُ: "إني طالب في معهد السينما!" فقيل لي: "إنه متاح فقط للصحفيين والنقاد!"

ومرة ثالثة ذهبت لحضور ندوة كانت بتسجيلٍ إلكتروني مسبق. قمتُ بالتسجيل، وبالتالي حجزت مكاني ضمن الحضور قبل أن يكتمل العدد. وصلت إلى مكان الندوة قبل موعد بدئها بربع ساعة، ولكن ما حدث أن انتظرنا ما لا يقل عن خمسةٍ وأربعين دقيقة. وقد جاء الفنانون وأصدقاؤهم متأخرين ورغم ذلك دخلوا قبلنا! وكانت هناك أزمة واضحة في تنظيم تسجيل الجمهور ودخولهم، رغم التسجيل المسبق. وقد اعتدت مثل هذه المشكلات التنظيمية في شتّى المهرجانات التي حضرتها. وأخيرًا سمحوا لنا بالدخول، لكننا وجدنا الفنانين وأصدقاءهم قد شغلوا كل المقاعد تقريبًا. نجحتُ في الوصول لمقعد، لكن كثيرًا من الزملاء من الطلاب والمهتمين بالسينما ظلّوا واقفين على أرجلهم طوال وقت الندوة. وكالعادة -في كل ندوة وكل فعالية- لا بد وأن يعبّر ضيوفها عن سعادتهم بحضور الشباب، واهتمام المهرجان بدعم طاقاتهم!!

هذه كانت تجربتي مع المهرجانات. حين خرجت من الندوة الأخيرة قررت عدم حضور أي مهرجانات أخرى، ما داموا لا يحترمون الطالب، ولا الإنسان، ولا يقدّرون النظام، ولا يطبّقون العدالة. ناهيك عن تحوّل المهرجانات من ملتقى لصُنّاع السينما خُلِق ليساعدهم على التلاقي والتواصل، إلى منصّةٍ للإطلالات المثيرة للفنانات، واستعراضٍ لمهارة التواجد على الساحة من قِبل الفنانين، في حين يغيب عن المهرجان -بسبب عدم دعوتهم- كثيرٌ من الفنانين المحترمين، الذين لا يجيدون التملّق، ولا يميلون لممارسة الخيلاء. كما تحوّلت المهرجانات أيضًا إلى رحلةٍ مكلفةٍ ماديًا إلى حدّ الجنون بالنسبة لطالبٍ -أو صانع سينما- متوسط الدخل مثلي.

تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال