مقدمة في علم النفس.. ما يحتاج الكاتب معرفته

في هذا المقال نتناول علم النفس، نشأته وتاريخه، أهم فروعه، مع تناول فروع: علم النفس العام، علم النفس الاجتماعي، وعلم النفس التنموي بشيء من التفصيل، نظراً لأهمية هذه الفروع بالنسبة للفنان بوجه عام وللكاتب بوجه خاص، بهدف تقديم مقدمة مكثفة عن علم النفس ليساعد الكاتب، خاصة إذا ما أراد التعمق في أي فرع من فروع علم النفس.

مقدمة في علم النفس
سيغموند فرويد


يندرج علم النفس ضمن فئة العلوم الإنسانية والاجتماعية، التي تهتم بدراسة السلوك البشري مثل الحركات والكلام، والعمليات العقلية المرتبطة بالسلوك مثل التفكير والمشاعر، يهدف علم النفس إلى فهم السلوك وتفسيره والعمل على تحسينه.


مقدمة في علم النفس: نبذة عن تاريخ علم النفس

ظهر علم النفس في اليونان القديمة كجزء من علم الفلسفة، إذ تسائل الفلاسفة عن طبيعة النفس والوعي، قبل أن يسيطر الفكر الديني على تفسير الظواهر النفسية في العصور الوسطى نظراً لانتشار المسحية في الغرب والإسلام في الشرق، فقد أرجع الناس الاضطرابات النفسية مثلاً إلى قوى خارقة وأرواح شريرة. حتى جاء القرن التاسع عشر وانفصل علم النفس عن الفلسفة، وأصبح علماً مستقلاً بذاته، على يد فيلهلم فونت الذي أقام أول مختبر نفسي عام 1879م، ومنذ ذلك الحين شهد علم النفس تطوراً كبيراً. 

(أقرأ: مقدمة في الفلسفة.. ما يحتاج الكاتب معرفته)


مقدمة في علم النفس: فروع علم النفس

1- علم النفس العام

يدرس علم النفس العام المبادئ العامة للسلوك الإنساني، وعمليات الإدراك والتفكير والانفعال، بهدف فهم كيف يفكر الإنسان، وكيف يشعر أو يتصرف بطريقة معينة.

2- علم النفس الإكلينيكي

يهتم علم النفس الإكلينيكي بتشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية والسلوكية، بهدف مساعدة الأفراد في التغلب على المشكلات النفسية، وتخطي الصدمات.

3- علم النفس التربوي

يدرس علم النفس التربوي سلوك المتعلمين في المؤسسات التعليمية، بهدف تحسين العملية التعليمية وتطوير قدرات الطلاب.

4- علم النفس الاجتماعي

يدرس علم النفس الاجتماعي تأثير المجتمع والبيئة المحيطة على سلوك الأفراد، بهدف فهم الكيفية التي يتفاعل بها الفرد مع المحيط.

5- علم النفس الصناعي

يهتم علم النفس الصناعي بدراسة سلوك العاملين في المؤسسات والمصانع، بهدف تحسين الأداء الوظيفي في بيئة العمل، وتحفيز الموظفين.

6- علم النفس التنموي

يهتم علم النفس التنموي بدراسة التغيرات النفسية والسلوكية عبر مراحل العمر المختلفة، بهدف فهم كيف يتطور الإنسان عبر مراحل عمره المختلفة، والمساعدة على تحسين عملية التربية.

7- علم النفس العصبي

يدرس علم النفس العصبي العلاقة بين الجهاز العصبي والسلوك، بهدف فهم كيفية اتصال سلوكيات البشر بجهازهم العصبي.

8- علم النفس الإيجابي

يركز علم النفس الإيجابي على الجوانب الإيجابية في الحياة، مثل السعادة والرضا والمرونة النفسية، بهدف تعزيز الجوانب الإيجابية في الحياة، ومساعدة الإنسان على التكيف.


الآن وقد استعرضنا تاريخ موجز لـ علم النفس وأهم فروعه، سوف نتناول الفروع: علم النفس العام، علم النفس الاجتماعي، وعلم النفس التنموي بشيء من التفصيل.


مقدمة في علم النفس: علم النفس العام

علم النفس العام هو القاعدة التي تنطلق منها بقية الفروع الأخرى لعلم النفس، يهتم علم النفس العام بدراسة السلوك الإنساني والعمليات العقلية المرتبطة به، بهدف فهم القوانين العامة التي تحكم تفكير الإنسان ومشاعره وتفاعلاته مع العالم المحيط به.


الإدراك

الإدراك هو العملية التي من خلالها يفسر الإنسان المعلومات الحسية التي تصله من البيئة المحيطة، وذلك من خلال الحواس الخمس: البصر، السمع، الشم، التذوق، واللمس، والطريقة التي يفسر بها الدماغ هذه الإشارات. والإدراك يؤثر على قراراتنا وسلوكنا اليومي، مثل التفاعل مع الآخرين أو الاستجابة للخطر.


الانتباه

الانتباه هو القدرة على تركيز الذهن على مثير معين وتجاهل المثيرات الأخرى، وينقسم إلى: الانتباه الإرادي المقصود الذي يمارسه الإنسان عن رغبة واختيار، والانتباه اللا إرادي الذي يُثار تلقائياً. والانتباه يساعد على التركيز ويساهم في عملية التعلم. 


الذاكرة

الذاكرة هي القدرة على تخزين المعلومات واسترجاعها عند الحاجة. وتنقسم الذاكرة إلى: ذاكرة حسية تحفظ المعلومات لثواني فقط، وذاكرة قصيرة المدى تحفظ المعلومات لبضع دقائق، وذاكرة طويلة المدى تحفظ المعلومات لفترات طويلة وربما دائمة. والذاكرة ضرورية للتعلم والتفاعل الاجتماعي وحل المشكلات.


التعلم

التعلم هو عملية اكتساب سلوكيات أو مهارات أو معارف جديدة وتثبيتها. ومن طرق التعلم: 

- التعلم الشرطي:

وهو ربط مثير ما بسلوك معين، مثلما قام العالم إيفان بافلوف بتدريب الكلاب على الربط بين صوت الجرس ووقت الطعام، فباتت الكلاب تفرز اللعاب استعداداً للطعام فور سماع صوت الجرس.

- التعلم بالمحاولة والخطأ: 

وفيه يجرب الإنسان عدة طرق حتى يصل إلى الطريقة الصحيحة لحل المشكلة، ويقوم عقله بتعزيز وتثبيت السلوك الصحيح. قام العالم إدوارد ثورندايك بوضع قطة داخل صندوق يمكن أن يفتح من خلال الضغط على زر، ووضع طعاماً خارج الصندوق، وبعدما حاولت القطة بطرق عشوائية الخروج من الصندوق، ضغطت بالصدفة على الزر فانفتح، وتعلمت من بعدها الخروج من الصندوق عن طريق الضغط على الزر.

- التعلم بالملاحظة: 

والذي يقوم على مشاهدة الآخرين يقومون بسلوكيات معينة، وتبنيها دون تجربة. قام العالم ألبرت باندورا بجعل مجموعة من الأطفال يشاهدون رجل يضرب دمية بعنف، فوجد أنهم تبنوا السلوك العنيف تجاه الدمية دون تفكير.


التفكير

التفكير هو النشاط العقلي الذي يستخدمه الإنسان لفهم الأمور وتحليلها واتخاذ قرارات أو حل مشكلات. وذلك من خلال التعرف على المشكلة، جمع المعلومات، وضع الفرضيات، اختبارها، التوصل للحل.


الدافعية

الدافعية هي القوى الداخلية أو الخارجية التي تحرك السلوك وتوجهه نحو هدف معين، وتنقسم إلى أساسية: مثل الجوع والعطش والنوم. ونفسية: مثل الحاجة للإنجاز والانتماء والنجاح.  والدافعية تلعب دورًا حيويًا في التعلم، العمل، والسلوك الاجتماعي.


الانفعالات

الانفعالات هي استجابات نفسية وفسيولوجية لمثيرات داخلية أو خارجية، مثل الفرح، الغضب، الحزن، الخوف، الدهشة. وهي تتكون من شعور داخلي (الخبرة الذاتية)، تغيرات جسدية (كالنَفَس السريع أو التعرّق)، وسلوك ظاهري (كالبكاء أو الصراخ). 


تمثل مجالات علم النفس العام السبعة حجر الأساس في علم النفس، وهي مترابطة بشكل وثيق؛ فالإدراك يؤثر في الانتباه، والانتباه يساهم في التعلم، والتعلم يُخزن في الذاكرة، والدوافع والانفعالات توجّه التفكير والسلوك. وفهم هذه المجالات يساهم في تحسين الأداء الشخصي والمهني، وتعزيز الرفاهية النفسية.

(أقرأ: نظرية مونستربرج في السينما.. علاقة علم النفس بالسينما)



مقدمة في علم النفس: علم النفس الاجتماعي

علم النفس الاجتماعي هو أحد أهم فروع علم النفس، ويهتم بدراسة تأثير الجماعة على سلوك الفرد، وكيف يفكر الإنسان في الآخرين ويتفاعل معهم في سياقات مختلفة. يجمع علم النفس الاجتماعي بين علم النفس وعلم الاجتماع، ويبحث في كيفية تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية على المعتقدات، السلوك، والمشاعر.


الإدراك الاجتماعي

الأدراك الاجتماعي يعني كيفية فهمنا للآخرين وتكوين انطباعات عنهم، ويشمل: الحكم على الآخرين، تفسير سلوكهم، وتكوين الصور النمطية.


الاتجاهات

الاتجاهات هي المواقف الذهنية التي يحملها الأفراد تجاه قضايا أو أشخاص أو مواقف. تُدرس من حيث تكوينها، تغييرها، وتأثيرها على السلوك، مثل: الاتجاهات نحو التعليم، الدين، السياسة.


التأثير الاجتماعي

يدرس كيف يتأثر سلوك الأفراد بضغوط الجماعة، من أبرز أشكاله: الامتثال، الطاعة، الإقناع.


السلوك الجماعي

يركز على تفاعل الأفراد داخل الجماعة وتأثيرها على السلوك، مثل: ديناميات العمل الجماعي، القيادة، اتخاذ القرار في المجموعات.


العلاقات الاجتماعية

تدرس أنماط العلاقات بين الأفراد مثل: الصداقة، العلاقات العاطفية، السلوك العدواني، المساعدة والإيثار.


يؤثر علم النفس الاجتماعي في مجالات كثيرة وأهمها الإعلام والفن إذ يساهم في فهم التأثير الجماعي والإقناع في الحملات الإعلانية أو ما شابه. كما يُساعد على فهم السلوك البشري في سياقه الواقعي، ويفسر الظواهر المجتمعية مثل التعصب، الشائعات، الطائفية، ويعزز من التفاعل الإيجابي من قبل المتلقي تجاه الفن، ويقلل من سوء الفهم، ويُستخدم في تعزيز السلوكيات الإيجابية مثل التعاون والتسامح.

(أقرأ: نظرية أيزنشتاين في السينما.. علاقة علم النفس بالسينما)


مقدمة في علم النفس: علم النفس التنموي

علم النفس التنموي هو فرع من فروع علم النفس يهتم بدراسة النمو النفسي والبدني والسلوكي للإنسان عبر مراحل عمره المختلفة، من مرحلة الطفولة إلى الشيخوخة. يهدف علم النفس التنموي إلى فهم كيف يتطور الإنسان نفسيًا واجتماعيًا وعقليًا عبر الزمن، من خلال التركيز على التغيرات التي تطرأ عليه في كل مرحلة عمرية.


مراحل النمو النفسي

سوف نعرض مراحل النمو النفسي مع ذكر نظريات أشهر ثلاثة علماء في هذا الفرع من علم النفس، وهما: جان بياجيه، سيغموند فرويد، وإريك إريكسون.

المرحلة العمرية

جان بياجيه

(النمو النفسي المعرفي)


إريك إريكسون

(النمو النفسي الاجتماعي)


سيغموند فرويد

(النمو النفسي الجنسي)

1

المرحلة الحسية الحركية: يستكشف الإنسان العالم من خلال الحواس والحركة.


مرحلة الثقة مقابل عدم الثقة: يتساءل الإنسان إن كان يستطيع أن يثق في هذا العالم أم لا، وتتحدد إجابته بناء على المعاملة التي يلقاها من الأهل.


المرحلة الفمية: الإنسان يستكشف كل شيء عن طريق فمه.

1-3


الاستقلال مقابل الشك: يكتشف الإنسان قدرته في التحكم والاعتماد على نفسه.


المرحلة الشرجية: يدرك الإنسان قدرته على التحكم في نفسه.

3-5

مرحلة ما قبل العمليات: تتطور اللغة والخيال، ويكون الإنسان أناني إلى حد ما.


مرحلة المبادرة مقابل الشعور بالذنب: يسعى الطفل لتجربة الأشياء بنفسه، ويشعر بالذنب إذا لم يتاح له التجربة والاستقلال.


المرحلة القضيبية: يكتشف الإنسان جنسه، وتنشأ عقدة أوديب وإلكترا، وهي ميل الأطفال الذكور إلى الأم عاطفياً والعكس.

6-11

مرحلة العمليات المادية: يستطيع الإنسان أن يفكر بشكل منطقي، ولكن في الأمور المادية فقط.


الاجتهاد مقابل الدونية: تتكون كفاءة الإنسان من خلال المبادرة والتجربة، ويشعر بالدونية إذا لم يفلح.


مرحلة الكمون: ينخفض الاهتمام الجنسي، ويركز الإنسان على التفاعل الاجتماعي والتعليم.

12-18

مرحلة العمليات المجردة: يقدر الإنسان على التفكير المجرد وليس المادي فقط، وبمرور الوقت يتعمق الفكر أكثر فأكثر.

تكوين الهوية مقابل غموض الدور: يبني الإنسان هويته الشخصية، إما تكون قوية أو يشعر الإنسان بأنه عديم الأهمية.


المرحلة التناسلية: يبدأ النضج الجنسي، وينتهي تكون شخصية الإنسان، وفي نهاية حياته قد تعاود بعض الصراعات اللا واعية الظهور.

18-40


الحميمية مقابل العزلة: إما أن يبني الإنسان علاقات عاطفية واجتماعية قوية، أو يكون منعزلاً عن الناس.


40-65


الإنتاجية مقابل الركود: إما أن يساهم الإنسان في المجتمع والأسرة، أو يكون عالة.


+65


تكامل الأنا مقابل اليأس: تقبل الحياة أو الإحساس بالندم.


(أقرأ: Another Round.. منتصف العمر والعودة للشباب)

يساهم علم النفس التنموي في التربية إذ يساعد على تصميم مناهج مناسبة لكل مرحلة عمرية، ويساهم كذلك في الطب النفسي حيث يساعد على فهم طبيعة المشكلات النفسية حسب العمر، وما يهمنا أنه يساعد الكاتب من خلال تقديم خريطة نفسية يمكنه الاعتماد عليها في رسم شخصياته، وخلق أبعادها النفسية بدقة وعمق. 

(أقرأ: حسناء النهار.. على قدر الحسن يأتي التعقيد)

علم النفس التنموي هو علم الحياة من بدايتها حتى نهايتها، إنه يسلّط الضوء على كل مرحلة في حياة الإنسان، ويمنحنا أدوات لفهم أنفسنا والآخرين.

تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال