مقدمة في الفلسفة.. ما يحتاج الكاتب معرفته

إن الفلسفة من أهم العلوم التي يحتاجها الكاتب، وفي هذا المقال نتناول مقدمة في علم الفلسفة، تعريفها ونشأتها وتطورها عبر التاريخ، وفروعها المختلفة مع التركيز على فلسفة الجمال وفلسفة اللغة، نظراً لأهميتهما بالنسبة للكاتب.

مقدمة في الفلسفة
أفلاطون


مقدمة في الفلسفة: لماذا الفلسفة مهمة بالنسبة للكاتب؟

تمنح الفلسفة الكاتب عمقاً فكرياً، وتساعده على فهم الإنسان من خلال دراسة وعيه وصراعاته، وتزود الكاتب بالأدوات التي تساعده على إدراك الواقع ليتمكن من إعادة بناءه بشكل فني، وتلهمه تعميق بناء الشخصيات الدرامية.

(أقرأ: موجز تاريخ الدراما.. ما يحتاج الكاتب لمعرفته)


مقدمة في الفلسفة: معنى الفلسفة

الفلسفة هي كلمة يونانية قديمة مكونة من مقطعين: (Philo-Sophia) وتعني محبة الحكمة. والفلسفة تُعنى بفهم الوجود والمعرفة والقيم والوعي، حيث يستخدمها الإنسان لطرح الأسئلة غير المنتهية: من نحن؟ لماذا نحن هنا؟ ما هو الخير؟ وما هو الشر؟ وهل هناك حقيقة مطلقة؟


مقدمة في الفلسفة: تاريخ الفلسفة

سوف نبدأ باستعراض تاريخ موجز للفلسفة وتطورها، ينقسم تاريخ الفلسفة إلى ثلاثة مراحل كبرى: 

1- الفلسفة القديمة (600 ق.م : 500 م)

2- الفلسفة الوسيطة (500 م : 1500 م)

3- الفلسفة الحديثة (1600م وحتى الآن)


1- الفلسفة القديمة (600 ق.م : 500 م)

ظهرت الفلسفة أول ما ظهرت في اليونان القديمة، على يد الطبيعيون، وقد سموا بهذا الاسم لأنهم حاولوا فهم الكون من خلال عناصر الطبيعة المحيطة بهم، منهم طاليس الذي اعتبر أن الماء أصل كل الأشياء.

قبل أن يظهر الثلاثي الأشهر:

- سقراط: ركز سقراط على الإنسان بدلاً من الطبيعة، استخدم (الطريقة السقراطية)، وهي طريقة تعتمد على سؤال كل شيء بلا توقف، للوصول إلى ما وراءه. 

- أفلاطون: كان أفلاطون تلميذ سقراط، وقد وضع أفلاطون تصور لمدينة الـمُثُل المعروفة بـ (المدينة الفاضلة) أو (اليوتوبيا)، وهي نظرية ترى أن العالم الدنيوي الحسي جزءٌ من عالم مثالي أزلي هو اليوتوبيا.

- أرسطو: أما أرسطو فقد كان تلميذاً لأفلاطون، وقد رفض نظرية المثل وركز على دراسة الأشياء كما هي دون إرجاعها إلى عالم آخر مثالي.

(أقرأ: ملخص كتاب فن الشعر لـ أرسطو)

وفي نهاية مرحلة الفلسفة القديمة وجد عدد من الفلاسفة غير اليونانيين، مثل الرواقيون وفلاسفة رومانيون، وقد بحثوا في السعادة وإمكانية تحقيقها.


2- الفلسفة الوسيطة (500 م : 1500 م)

في أوروبا انتشرت المسيحية، وفي الشرق انتشر الإسلام، فحاولت الفلسفة في الجهتين التوفيق بين العقل والدين.

- أوغسطينوس: كان أوغسطينوس أول من صاغ فلسفة مسيحية، وكانت مبنية على أفكار أفلاطون، تناول أوغسطينوس موضوعات مثل الشر، والإرادة الحرة، وعلاقة الزمن بالإله.

- الفارابي: كان الفارابي أول من صاغ فلسفة إسلامية، وكانت مبنية أيضاً على فلسفة اليونانيين.

- ابن رشد: دافع ابن رشد عن الفلسفة ضد أبو حامد الغزالي الذي انتقدها في كتابه (تهافت الفلاسفة)، فكتب ابن رشد كتابه (تهافت التهافت). وقام ابن رشد بشرح مؤلفات أرسطو بدقة، فكان له تأثير على الفكر الأوروبي.


3- الفلسفة الحديثة (1600م وحتى الآن)

- ديكارت: أعلنها ديكارت: "أنا أفكر إذن أنا موجود"، وكانت نقطة انطلاق للوعي بالذات، وقد أسس ديكارت الفلسفة الحديثة، والتي جنحت نحو الذات البشرية محاولة إدراكها.

- كانتِ: دمج (كانتِ) بين العقل والتجربة، فدعا إلى أخلاق قائمة على العقل والواجب.

- هيجل: أسس هيجل المنهج الجدلي، والذي يقوم على الصراع بين الأضداد لتوليد مركب جديد، أي إيجاد مركبات جديدة من خلال تقابل متضادين.

- كيركغارد: ركز كيركغارد على التجربة الفردية والإيمان الشخصي.

(أقرأ: Another Round.. علاقة فكرة الفيلم بفلسفة كيركغارد)


- نيتشه: أعلن نيتشه موت الإله، ودعا إلى الإرادة الذاتية للإنسان.

- جان بول سارتر: رأى سارتر أن الإنسان هو من يخلق نفسه باختياراته، ودعا إلى المسئولية والالتزام.

- جون دوي: اهتم جون دوي بالتعليم، ورأى أنه لابد وأن يرتبط بالحياة الاجتماعية والثقافية، ويجب مراعاة احتياجات كل طالب التي تختلف عن غيره.

- ميشيل فوكوه: ركز فوكوه على معرفة السلطة والجسد والعلاقة بينهما، من خلال دراسة آلية تركيب السجون.

- جاك ديريدا: أسس ديريدا المنهج التفكيكي، والذي يهدف إلى تفكيك البنى الفكرية واللغوية التي تبنى عليها النصوص والمفاهيم الفلسفية.


الآن وقد عرضنا تاريخ الفلسفة بشكل موجز، ننتقل إلى فروع علم الفلسفة.


مقدمة في الفلسفة: أهم فروع علم الفلسفة

1- الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة): تبحث الميتافيزيقا فيما وراء الأشياء، ما هو الوجود؟ ما الفرق بين الشيء واللا شيء؟ هل نحن أحرار في قراراتنا؟ وتهتم كذلك بالسببية والزمان والمكان.

2- نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا) : تبحث نظرية المعرفة في طبيعة المعرفة، ومصادرها وحدودها، كيف نعرف ما نعرفه؟ كيف نثق أن ما ندركه بحواسنا مطابق للواقع؟

3- الأخلاق (الإيتيقا): تبحث الأخلاق في القيم والسلوك الإنساني، ما هو الخير؟ هل الكذب لإنقاذ حياة إنسان يعد خيراً؟ 

4- المنطق: يبحث المنطق في قواعد التفكير الصحيح، وضبط الحجج والاستنتاجات، إذا كانت جميع الكائنات الحية ستموت وأنا كائن حي إذن أنا سأموت، هذا استنتاج منطقي.

5- فلسفة السياسة: تبحث فلسفة السياسة في السلطة، الحرية، والعدالة.

6- فلسفة العقل: تهتم فلسفة العقل بالوعي، التفكير، والإدراك. ما هو العقل؟ هل العقل منفصل عن الجسد؟

7- فلسفة الجمال (الإستيطيقا) : تبحث فلسفة الجمال في طبيعة الجمال والفن والتذوق الفني. هل الجمال موجود في الشيء أم في عين الناظر؟ ما الفرق بين الفن واللا فن؟ ما دور الفن؟ 

8- فلسفة اللغة: تهتم فلسفة اللغة بالعلاقة بين اللغة والمعنى الواقع، كيف تنتج اللغة المعنى؟ هل اللغة تصف الواقع بدقة أم تخلقه؟ هل كلمة حرية تعني الشيء نفسه في كل الثقافات؟ 


وأخيراً سوف نتناول فرعي من فروع علم الفلسفة بشيء من التفصيل، وهما فرعي: فلسفة الجمال وفلسفة اللغة، نظراً لأهمية كل منهما بالنسبة للفنان بوجه عام، وبالنسبة للكاتب بوجه خاص.


مقدمة في الفلسفة: فلسفة الجمال

 يعنى فرع فلسفة الجمال بالإجابة على تساؤلات من قبيل: ما هو الجمال؟ هل يمكن قياس الجمال؟ وفيما يلي إجابة الفلاسفة عبر العصور على هذه التساؤلات. وقد رأى أفلاطون أن الجمال في الأشياء المادية جزء من الجمال المثالي في العالم الآخر، بينما رأى أرسطو أن الجمال موجود بأكمله في العالم المادي، وهو عبارة عن تناغم ونظام في الأشياء. أما (كانتِ) -في عصر الفلسفة الحديثة- فقد رأى أن الجمال مرتبط بالتجربة الذاتية للفرد، فالشيء الجميل في رأي شخص قد لا يكون جميلاً في رأي غيره، ورأى هيجل أن الجمال يتمثل تحديداً في الفن، إذ يعكس الفن المفاهيم الجمالية العميقة. 

(أقرأ: نظرية أيزنشتاين.. وعلاقتها بعلم الجمال)

هل يمكن أن يكون شيء غير أخلاقي جميلاً؟ رأى (كانت) أن الجمال لا يمكن أن يكون مرتبطاً بالخير في جميع الأحوال، بينما رأى هيجل أن الأعمال الفنية التي تقدم جمالاً عميقاً تنطوي بالضرورة على قيم أخلاقية عميقة.

(أقرأ: نظرية هوجو مونستربرج.. وعلاقة السينما بنظريات كانت)


فلسفة الجمال: الجمال والفن

يرتبط الجمال بالفن ارتباطاً وثيقاً، إذ أن الفن أحد أبرز طرق التعبير عن الجمال، وذلك من خلال قيام الفنان باستخدام أدواته لتجميع عناصر بطريقة جمالية معينة للتعبير عن أفكاره ومشاعره، ويتيح الفن طريقة للتعبير عما لا يمكن التعبير عنه بالكلمات، والفن يعكس الواقع الداخلي للفنان، ويعبر عن الروح البشرية والوجود الإنساني. 


مقدمة في الفلسفة: فلسفة اللغة

تعنى فلسفة اللغة بالإجابة على التساؤلات: ما هي طبيعة اللغة؟ كيف تعبر اللغة عن المعنى؟ هل اللغة مرآة للواقع أم أداة لتشكيل الواقع؟ رأى أفلاطون أن الكلمات تعبر عن تمثيلات جزئية للأشياء الكاملة المثالية في عالم المثل، بينما رأى أرسطو أن الكلمات تشير إلى الأشياء الواقعية التي يمكن تحليلها بالعقل. وفي عصر الفلسفة الحديثة رأى ديكارت أن اللغة وسيلة للتعبير عن الفكر، ورأى (كانت) أن المعرفة تكتسب عبر التفاعل بين الحواس والعقل وأن اللغة تساعدنا في تنظيم أفكارنا. وأخيراً رأى ديريدا أن اللغة مجموعة من الاختلافات غير المستقرة، لا يمكن أن تعطي معاني ثابتة. 


تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال