ملخص كتاب الثورة لـ وائل غنيم.. الحدث الأهم في مصر القرن الواحد والعشرين

 ملخص كتاب الثورة لـ وائل غنيم

* * *

في عهد جمال عبد الناصر تم تفعيل قانون الطوارئ، والذي يسمح لرجال الشرطة بالقبض على والتحقيق مع كل من يشتبهون به، دون تهمة واضحة أو سند قانوني بين. وكانت رئاسة الجمهورية لا تتم بالانتخاب وإنما بالاستفتاء، منذ عهد عبد الناصر وحتى عهد مبارك، وقد حاول وائل غنيم دعم محمد البرادعي ليكون رئيس مصر القادم، وأنشأ صفحة (محمد البرادعي) على الفيسبوك، ولكن كان النظام المصري يحارب أي شخص يمكن أن يكون شعبية بين الجماهير، تمهد إلى التحاقه بالعمل السياسي، لذلك تم شن حملة تشويه للبرادعي من قبل الإعلام المصري، وقد استفاد وائل من هذه التجربة بأن تعلم كيفية إدارة صفحات الفيسبوك. 

في يونيو 2010م شاهد وائل غنيم صورة خالد سعيد صريعاً، وقد ضرب خالد حتى الموت على أيدي الشرطة المصرية بموجب قانون الطوارئ، كان وائل يعيش في الإمارات آنذاك، أنشأ غنيم صفحة (كلنا خالد سعيد)، ووصلت الصفحة إلى مئة ألف عضو في بضعة أيام، في حين كانت صفحة البرادعي قد استغرقت شهرين حتى وصلت إلى العدد نفسه من الأعضاء، وهنا أدرك وائل غنيم أن الحرب من أجل فكرة أقوى من الحرب من أجل شخص، كما كان وائل غنيم يعتمد في الصفحة على مخاطبة الجمهور العام وليس النخبة فقط من خلال اللغة البسيطة، بعكس ما كان يحدث في صفحات النشطاء الآخرين.

اقترح أعضاء صفحة (كلنا خالد سعيد) تنظيم وقفة صامتة ضد التعذيب على كورنيش النيل في القاهرة وكورنيش الإسكندرية، ارتدى فيها المشاركون ملابساً سوداء، وولوا الشارع ظهورهم والبحر أو النيل أوجههم، ولم يتعرض الأمن لهم فكان ذلك انتصاراً صغيراً، قبل أن يقترح عبد الرحمن منصور -مدير الصفحة المشارك- القيام بشيء يوم الخامس والعشرين من يناير 2011م، يوم عيد الشرطة، لأن الشرطة هي الأذرع التي يستخدمها النظام في طغيانه ضد الشعب، وأشعل حماس الشباب ما حدث في تونس من ثورة ما لبثت أن أطاحت بالرئيس التونسي بن علي، فوصلت الدعوة للثورة إلى نصف مليون مصري، ونزل بعض النشطاء إلى الشارع بالفعل وقام مديرا الصفحة بنشر صورهم، فكُسر حاجز الخوف لدى الكثير من الشباب. وصمم وائل غنيم وثيقة تحوي كل المعلومات عن الثورة، كتب فيها إن هناك ثلاثة مليون مصري مصاب بالاكتئاب، مئة ألف محاولة انتحار في عام 2009م، ثمانية وأربعون مليون فقير، أثنا عشر مليوناً بدون مأوى، وثلاثة مليون عاطل، وأهم سبب أن العشرات يقتلون على أيدي الشرطة بسبب قانون الطوارئ.

سافر وائل غنيم إلى القاهرة للمشاركة في الثورة، وفي صباح الخامس والعشرين من يناير شعر غنيم بالإحباط لمّا وجد عدد المتظاهرين قليلاً، ولكن ما إن وصل وائل ورفاقه إلى ميدان التحرير حتى أدرك أن الدعوة للثورة قد نجحت، إذ كانت الأعداد في الميدان مهولة. واجهت الداخلية المتظاهرين بخراطيم المياه والرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، وتجاهل الإعلام المصري ما يحدث في الشارع، وقام النظام بحجب الفيسبوك وقطع وسائل الاتصال، ولكن الثورة كانت قد خرجت من الإنترنت إلى الشارع.

وبمحض الصدفة كان وائل غنيم في موعد مع صديق له أجنبي من شركة جوجل التي يعملان بها، فتم القبض عليه من قبل أمن الدولة، إذ كانوا مؤمنين أن ما يحدث في مصر تحركه أيادٍ أجنبية. اعترف لهم وائل أنه مسؤول صفحة (كلنا خالد سعيد)، وأكد لهم عفوية ما يحدث من قبل الشعب الثائر ضد الظلم والفساد، ولحسن الحظ قام صديق لوائل غنيم بتغيير كلمة السر الخاصة باشتراك الصفحة الخاص به، فلم يستطيعوا الوصول إلى الصفحة أو إلى أعضائها. 

عُزل وائل غنيم عن العالم، كان مكبل اليدين معصوب العينين، لا يتوقف عن التفكير في زوجته وأولاده وما يحدث خارج زنزانته، وكانت مصر تغلي، إذ خرج المصريون من كل الطبقات والفئات عقب صلاة الجمعة الثامن والعشرين من يناير، المعروفة بجمعة الغضب، واعتصموا بميدان التحرير، وقام مسؤول صفحة (كلنا خالد سعيد) الإنجليزية بدعوة الناس للتظاهر في عدة دول أجنبية، وشكل ذلك ضغطاً على النظام المصري، فقام مبارك بحل الحكومة، وحاول استدرار تعاطف الشعب فخرج يتحدث عن إنجازاته، ووعد بألا يترشح لفترة رئاسية جديدة، وأثر ذلك على الآباء فحاولوا إقناع أولادهم بالعودة لمنازلهم، ولكن ما حدث من قبل الشرطة من محاولات لإجهاض الثورة بالقوة، وما قتل من شهداء، وبخاصة بعد موقعة الجمل الشهيرة التي خرج فيها البلطجية المأجورين من قبل الداخلية ضد المتظاهرين، كان سبباً في تمسك المصريين بمطلب تنحي مبارك. 

فرض الجيش حظر تجول في الشوارع، ولكنه لم يتعرض للمتظاهرين بسوء، أسوة بما حدث في تونس. تكونت اللجان الشعبية لحماية الأرواح والممتلكات. قام المعتصمون في التحرير بتوزيع المهام بينهم، وأقاموا مستشفى ميداني في أحد المحال التجارية من أجل إسعاف المصابين، أنشأوا حمامات عمومية ووحدات للشحن الكهربي، وكان غير المعتصمين يزودون متظاهري الميدان بالطعام والشراب، ويرشدون السيارات إلى طرق أخرى غير الطرق المغلقة بسبب الاعتصام، إن الثورة أخرجت من المصريين أجمل ما فيهم.

بُذلت الجهود للعثور على وائل غنيم بعد اختفائه لأحد عشر يوماً، ولما عرف النظام المصري بأنه مسؤول صفحة (كلنا خالد سعيد) تدخل بعض المسئولون وأفرج عن وائل، وكان الهدف هو كسبه لصالحهم، لعل ذلك يساهم في إخماد الثورة، ويذكر وائل أن المحققون تأكدوا أنه ليس بخائن، وذلك بفضل حواره معهم، ولم يتأثر وائل بما أسماه جلسات غسيل المخ التي حاول من خلالها محققو أمن الدولة إقناعه بتغيير أفكاره. 

وبعد محاولات واهية من النظام المصري ورئيسه للتآمر ضد وائل غنيم ورفاقه، وبعد أن رفع المتظاهرين الأحذية رداً على خطاب الرئيس، تنحى مبارك عن الحكم، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد. في كتابه ذكر وائل غنيم أن نجاح الثورة هو الخطوة الأولى في طريق الإصلاح. صعد وائل غنيم إلى منصة الميدان وقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء، وهمست له والدة خالد سعيد: "ابني مماتش.. أنت خالد ابني".

كتب وائل غنيم على الصفحة يومها: "فخور إني مصري".

تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال