مسرحية الدرس.. وجبة من الجنون والعبث

مسرحية الدرس تأليف يوجين يونسكو، تدور حول مدرس يستقبل تلميذة جديدة في منزله، فيشرح لها عدة مواد دراسية تقوده لأن يقتلها! مثلما قتل الكثيرات من قبلها، وفي النهاية يستقبل تلميذة جديدة غيرها!

تحليل مسرحية الدرس
يوجين يونيسكو

* * *

يلاحظ في مسرحية الدرس أن هذا المدرس يقتل تلميذاته دون دوافع منطقية، يوجد دافع درامي وهو مادة اللغة التي تقوده الأحداث للوصول إليها، والتي دائماً ما يقتل عندها تلميذاته، ولكن لا يوجد دافعاً منطقياً كمرض نفسي معين أو انتقام أو غير ذلك، مما يدرج مسرحية الدرس ضمن الأعمال العبثية، والتي ظهرت بسبب تأثر الفنانين بالحربي العالميتين الأولى والثانية وسيطرة الآلات والمجتمع الصناعي الذي سلب الإنسان آدميته. وفيها حاول الفنانون -ومنهم يوجين يونسكو في مسرحية الدرس- التعبير عن عدم معقولية ما يحدث من عنف.

كما اشتملت مسرحية الدرس أحداثاً غير معقولة في تفاصيلها وتسلسلها، فنجد هذه الطالبة تفهم دروساً غاية في الصعوبة، ويستعصي عليها ما هو شديد البساطة، مثل الفارق بين عمليتي الجمع والطرح. بالإضافة إلى شرح المدرس دروسه بطريقة غريبة ومضحكة في بعض الأحيان، فنجده يذكر مثالاً ما، ثم يتراجع ويقول إن لا علاقة له بالموضوع!

ويلاحظ أيضاً استرسال يونسكو في أمور لا قيمة لها -على الأقل ظاهرياً- مثل إعادة العبارات والإجابات مرات عديدة بلا جدوى، والوقوف المفرط عند بعض الأمور والإفراط في شرحها. مما يؤكد على ما يريد الكاتب التعبير عنه من حالة الفوضى واللامعقولية التي يراها في العالم من حوله ويريد التعبير عنها في مسرحيته.

وتتضمن شخصيات مسرحية الدرس الكثير من المعاني، فالمدرس عادةً ما يكون نموذجاً للانضباط والتأدب، فعندما يكون هذا المدرس قاتلاً فإن ذلك يأتي في إطار الرغبة في التعبير عن العبث والجنون وفقدان المثل العليا الذي يحدث حول العالم، خاصة وأنه لا يبدو عليه في بداية الأحداث أي أمارة لهذا الجنون الداخلي. وهذه الخادمة التي تقود أحياناً زمام الأمور في منزل غير منزلها، فتدفعنا للتساؤل عن رب هذا المنزل، كما تدفعنا الحروب إلى البحث عن هذا الإله الصامت وعن منطقه فيما يحدث. 

وأكدت نهاية مسرحية الدرس -شأنها شأن معظم الأعمال العبثية- على سيادة التشاؤم واستمرار اللا منطق، فنجد المدرس يستقبل تلميذة جديدة، وتساعده الخادمة في إخفاء جثة القتيلة مثلما ساعدته من قبل.

تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال