كيف تكتب سيناريو أو رواية: البطل والخصم
البطل والخصم هما أهم شخصيتين في القصة. البطل ببساطة هو الذي تدور الأحداث حوله، هو من يتعين عليه قيادة الأحداث، والمساهمة الرئيسية والكبرى في تطورها، أما الخصم فهو ببساطة من يقف بين البطل وبين ما يريد تحقيقه، يمكن أن يتواجد عدة شخصيات تحول دون هدف البطل، ولكن ينبغي أن يكون هناك شخصية رئيسية واحدة تمثل العائق الأكبر للبطل، ويكون هو الخصم.
أحياناً يشترك البطل والخصم مع بعضهما البعض في صفة ما، تعامل معها البطل بشكل إيجابي، بينما تعامل معها الخصم بشكل سلبي. في فيلم ليون المحترف، نجد أن البطل رغم أنه قاتل محترف، إلا أن له قاعدة بألا يقتل النساء والأطفال، بينما الخصم ستانسفيلد رغم أنه شرطي فهو يقتل بلا رحمة، وقد قتل عائلة ماتيلدا بالكامل رغم أن مشكلته كانت مع أبيها فقط، وكان ذلك محور الصراع بينه وبين ليون البطل.
(ليون المحترف.. الاحترافية موضوعاً للقصة)
وفي فيلم عمارة يعقوبيان، كان لكل شخصية خصمها الخاص في قصتها، فكان خصم زكي هي شقيقته دولت، وكان كلاهما أبناء باشوات، وكلاهما له علاقات غير مشروعة مع الجنس الآخر، ولكن أخته قررت أن تعاقبه على علاقاته، رغم أن الذكر عادة من يتعامل بحساسية تجاه علاقة المرأة بالجنس الآخر وليس العكس.
لا يشترط دوماً أن يكون الخصم إنساناً سيئاً، فإذا كان هدف البطل أمراً غير صائب يكون الخصم إنساناً نبيلاً، مثل شخصية تشارلي في فيلم Scent Of A Woman حيث كان هدف البطل قتل نفسه، وكان تشارلي هو الخصم الذي يحاول منعه عن ذلك.
(اقرأ: Scent Of A Woman.. أصبح أعمى بسبب الاختيار)
وفي القصص الرومانسية غالباً ما يكون الخصم هو المحبوب، مثل فيلم La La Land حيث سباسيتان هو الخصم، والصراع هنا لا يعني العداوة، ولكن يعني في القصص الرومانسية الرغبة في إنجاح العلاقة، وعليه يكون الطرف الآخر في العلاقة هو الخصم. قد يتساءل البعض عن الأحلام التي كانت ميا وسباسيتان يسعيان لتحقيقها، ويفكر في أن هذا هو الصراع، نعم هو صراع، ولكنه صراع فرعي، بينما الصراع الرئيسي في الفيلم كان علاقة ميا وسباسيتان، هذا لأن الحدث الرئيسي هو لقائهما، وقد ذكرنا من قبل ضرورة التركيز على الصراع الرئيسي، وتناول أي صراعات فرعية من خلاله.
(أقرأ: La La Land.. كيف تتحدث بلغة السينما؟)
كيف تكتب سيناريو أو رواية: البطل التقليدي والسلبي والتراجيدي والميلودرامي
البطل التقليدي هو البطل الذي يعرف خصمه ويعرف صراعه، بعكس البطل السلبي الذي يسير في اتجاه خاطئ، ويصارع في صراع غير الذي ينبغي أن يصارع فيه، وعليه يكون خصمه شخصاً سوي، هذا لأنه يواجه خصماً غير الخصم الحقيقي الذي ينبغي أن يواجهه. مثلاً بطل لديه صراع نفسي مع والده الذي عامله بقسوة في الطفولة، فبدلاً من أن يدخل البطل صراع ضد والده ومع نفسه ليحل أزماته النفسية، دخل في صراع ضد أستاذه في الجامعة، حيث يمثل الأستاذ رمز السلطة والأبوة بالنسبة للبطل. هنا البطل يسير في اتجاه خاطئ، يصارع خصماً غير الذي ينبغي أن يصارعه. مثل بطل رواية قلب الليل، حيث إن خصمه الحقيقي هو الجد الذي كبت حريته في الصغر، ولكن البطل يواجه سعد كبير الرجل المثقف ويقتله ليثبت أنه صاحب نظرية.
(اقرأ: قلب الليل.. كيف تكون بطل سلبي؟)
أما البطل التراجيدي شخص نبيل، ولكنه يقع في شرك خطأ ما، يسمى بالخطأ التراجيدي، هذا الخطأ يجعل من نهايته مأساوية، والفارق بين البطل التراجيدي والبطل السلبي أن البطل التراجيدي يدرك في النهاية الخطأ الذي وقع فيه، بعكس البطل السلبي الذي يبقى مقتنعاً بما فعل حتى آخر لحظة، ولكن البطل التراجيدي رغم إدراكه يعجز عن تصحيح المسار، وهذا هو الجانب المأساوي في قصته، مثل عطيل الذي يدرك آخر المطاف أنه ظلم ديدمونة، ولكن بعد أن قتلها. ومثل ناصر الدسوقي الذي يدرك آخر المطاف أنه أخطأ حين فقد إيمانه بالعدالة وسار في طريق الفساد، ولكن بعد فوت الأوان، بعد أن قتل زوجته وقُتلت أمه.
أما عن البطل الميلودرامي، فإن كان البطل التقليدي يعرف صراعه، والبطل السلبي لا يعرف، والبطل التراجيدي يدركه آخر المطاف، فالبطل الميلودرامي لا تسمح له الظروف بأن يدرك أو يستوعب أو يقرر، حتى وإن تفكر في شيء وحاول أن يواجهه، إذا به يفاجئ بضربة من اتجاه آخر تقسم ظهره. مثل شخصية حنان في فيلم دم الغزال، فهي ليست بطلة سلبية مستسلمة لما تتعرض له من قهر، ولا هي بطلة تقليدية تنتصر على القهر، بل إنها تحاول قدر ما تستطيع، ولكن كل الظروف تحارها حتى تقتل في النهاية. ومثل شخصية حبيشة في مسلسل ابن حلال، فهو شخص نبيل مستضعف يتعرض للظلم، ولما ثار وانتقم من ظالميه عاد ليجد الحكومة في انتظاره وقاموا بتصفيته.
(اقرأ: دم الغزال.. عندما يموت الإنسان قهراً)
كيف تكتب سيناريو أو رواية: أبعاد الشخصية الدرامية
من أفضل الطرق وأسهلها عند رسم الشخصيات الدرامية هي تحديد ما يسمى بالهدف والحاجة، الـ Want والـ Need، الهدف هو الصراع الخارجي للشخصية، الحاجة هي الصراع الداخلي للشخصية. كل شخصية تريد شيئاً وتحتاج شيئاً، تدخل الشخصية الرحلة بهدف ظاهري تريده، وتكشف لنا الرحلة حاجة داخلية تحتاجها الشخصية لكي تحقق ما تريد، ولكي تتغير لتصبح إنساناً أفضل إن كان بطلاً تقليدياً، أو أسوأ إن كان بطلاً سلبياً، أما إن كان بطلاً تراجيدياً فإنه يتغير للأفضل بأن يتطهر من ذنبه، وبأن يحقق غايته إن كان ميلودرامياً، ولكن الميلودرامي لا تدعه الحياة ينعم بالهدف الذي حقق، والحاجة التي وجد.
في صعيدي في الجامعة الأمريكية كان هدف خلف هو الارتباط بعبلة، وكانت حاجته أو صراعه الداخلي هو التخلص من الانبهار والسذاجة، فلما تحقق ذلك تغير وقرر الارتباط بسيادة. وفي عمارة يعقوبيان كان هدف زكي الدسوقي هو إنهاء الصراع ضد أخته، وكانت حاجته هي أن يحب ويكون له أولاد، فجميع النساء اللاتي عرفهن فيما مضى لم يحببنهن، وقد وجد حاجته تلك في بثينة التي تصغره بأعوام، فكانت له الابنة والمحبوبة، ولما تحققت هذه الحاجة استطاع البطل أن يتغير للأفضل، فتزوج من بثينة.
والجانب الأهم في الشخصية الدرامية دائماً هو ما يسمى بـ القصة من الماضي، أو الجرح، أحياناً ما يكون الماضي حدثاً بعينه، مثل عدم زواج زكي الدسوقي بطل عمارة يعقوبيان من كريستين في الماضي، وأحياناً يكون الجرح هو الطريقة التي نشأت وتربت عليها الشخصية مثل نينا في فيلم Black Swan. أما في فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية وكذلك الباشا تلميذ ليس لشخصية البطل قصة من الماضي متصلة بما يحدث له خلال الرحلة، وهذا لا يعد مأخذاً على السيناريو وإنما لكل قصة طبيعتها الخاصة ومادام الأمر لم يشكل خللاً درامياً فلا بئس به.
كيف تكتب سيناريو أو رواية: التيمة
التيمة هي شيء مجرد يشترك فيه جميع الشخصيات داخل القصة الدرامية، مثل الحرية، العدالة، المثالية، ...، ويتجلى مفهوم التيمة في القصص الاجتماعية تحديداً حيث يكون لكل شخصية الخط الدرامي الخاص بها، فرغم تعدد الخطوط، ينبغي أن تكون كل الشخصيات متصلة مع بعضها البعض من خلال تيمة واحدة.
في فيلم دم الغزال مثلاً نجد أن تيمة الفيلم هي القهر، والقهر لغوياً يعني أخذ الشيء بغير رضا، وقد بدأ دم الغزال بقهر الحكومة للبسطاء في حفل الزفاف، واستمر القهر فاعتصر رضا ريشة، ما سيؤدي إلى انضمامه لجماعة إرهابية، يستخدمونه لتحقيق أهدافهم، ويستخدم قوتهم في تحقيق أهدافه، وهذان شكلان من أشكال القهر. ونجد أن كل شخصية تمارس أو يمارس عليها القهر بشكل ما، ولا يقتصر القهر على فرض القوة فقط، بل إن الطريقة التي اتبعها عم عبده في إقناع نادية صفوان بالموافقة على عمل حنان عن طريق الإلحاح لهي شكل من أشكال القهر، وكذلك عمل جابر عميش الذي يرتزق منه بأن يلقي بنفسه أمام سيارة ويحصل على مقابل مادي من صاحبها، لهو أحد أشكال القهر أيضاً. وكذلك طبيعة عمل الهجام قائمة على القهر، وفي النهاية تساعد حنان الحكومة قهراً للقبض على ريشة، فيكون موتها بفعل القهر وليس الرصاص.
وفي عمارة يعقوبيان نلاحظ أن التيمة هي الاستغلال، حيث شقيقة زكي تستغل سرقة الخاتم للاستيلاء على أملاكه، وعزام يستغل الدين لتحقيق رغباته في معاشرة النساء، ويستغل أمواله في تحقيق السلطة، وبثينة تتعرض للاستغلال من قبل صاحب العمل، وطه الشاذلي تستغله الجماعة لتحقيق أهدافها، ولاحقاً سيستغل الجماعة للانتقام من الضابط، الذي استغل سلطته في تعذيبه داخل السجن. وحتى الشخصيات الفرعية مثل فانوس نراه يستغل إعاقته في إجبار المحامي على التهاون معه وشقيقه. أما الوحيدان اللذان لم يستغلا الآخرين أو بعضهما البعض هما زكي وبثينة، لذلك استحقا أن يكونا بطلي الفيلم.
(اقرأ: عمارة يعقوبيان.. سيناريو كتبه مهندس)
كيف تكتب سيناريو أو رواية: الشخصيات الفرعية
إن مفهوم الشخصيات عموماً يتضح في ضوء حديثنا عن الدراما فيما سبق وحديثنا عن التيمة الآن، وهو أننا في الدراما ببساطة نتناول موضوعاً من خلال شخوص، وبالتالي فإن الشخصيات الرئيسية والفرعية هي أوجه مختلفة لنفس الموضوع، أي أن وجود كل شخصية وجه من أوجه التيمة التي تدور في فلكها القصة الدرامية. إذا كنا سنكتب مقالاً عن الحرية مثلاً فسوف نكتب فقرة عن الحرية في مصر، وفقرة أخرى عن الحرية خارج مصر، وفقرة عن الحرية في المنزل، وفقرة عن الحرية في السجون، ولكن في الدراما نتكلم من خلال الشخصيات، فإذا أردنا التحدث عن الحرية سوف نأتي بشخصيات تمثل أوجه الحرية التي نريد أن نطرحها.
